لم أكن أعرف أن للمقاومة الموريتانية امتدادات في تركيا، وأن لها علاقات عميقة بدوائر عثمانية ودوائر أتاتوركية، بل كان لها مبعوث خاص في إسطنبول حاضرة الدولة العثمانية. هذا ما تؤكده الوثائق الفرنسية التي توضح بشكل لا غبار عليه أن هنالك في داخل المقاومة الموريتانية من حاول أن يعطي بعدا حداثيا للمقاومة، وأن يربطها في ثلاثينات القرن الماضي بالتيارات الفكرية والسياسية التي كانت قائمة بتركيا خلال عهد كمال أتاتورك وبعد انقضاء الدولة العثمانية. فالشواهد قائمة على أن من بين الموريتانيين شابا استطاع أن يرتقي في رتب
JPG – 433.6 كيلوبايت
الجيش التركي، وأن يقاتل بضراوة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب الأتراك المسلمين، ولم يكتف هذا الشاب بهذا الأمر فقط بل التحق بالجامع الأزهر حيث كان طالبا من نوع خاص. ظل هذا الموريتاني القادم من ولاتة، رغم ما تتسم به للمؤسسة الأزهرية من بعد تقليدي، يحمل تفكيرا حداثيا، لحد أن الوثائق الفرنسية تصفه بالشنقيطي المشبع بالفكر “العلماني” في بداية ثلاثينيات القرن الماضي.
حاول زين العابدين الشنقيطي، ذو الرؤية التحررية، وأول ضابط شنقيطي في الجيش العثماني أن يعود إلى موريتانيا في وقت مبكر بأفكاره “الكمالية”، بل وأن يستفيد من علاقات المقاومة الموريتانية ببعض الأوساط السياسية والدينية في المغرب في توسيع دائرة نشاط المقاومة الموريتانية وربطها بدوائر أخرى سياسية وثقافية، لكن الفرنسيين كانوا بالمرصاد لتحركات هذا الموريتاني الشجاع والمقاوم.